دراسة: التطور التاريخي للإرشاد المهني
دراسة: التطوّر التاريخي للإرشاد المهني
أ. بحرية بن سماعيل محجر- جامعة قاصدي مرباح ورقلة
يمكن أن نقسم تطور الإرشاد والتوجيه
المهني إلى مرحلتين تاريخيتين الأولى تبدأ من عام 1850-1940، والثانية من عام
1940- وحتى الآن:
الفترة الأولى 1850-1940:
تميزت بوجود الأحداث أو
العوامل الآتية التي أسهمت في نشوء الإرشاد والتوجيه المهني: الثورة
الصناعية-دراسة الفروق الفردية- جهود فرانك بارسونز-ظهور علم النفس الصناعي-حركة
القياس النفسي (فرانسيس جالتون، ويليام فوندت، جيمس كاتل، الفرد بينيه):
الثورة الصناعية:
أثرت على الأحوال الاجتماعية والعمالية في الولايات المتحدة، وتسببت في بزوغ حركة التوجيه المهني. الثورة الصناعية تسببت في أحداث تغيرات جذرية في المجتمعات الغربية حيث نمت المدن الصناعية وانتقل الناس من الأرياف إلى تلك المدن. كثير من الناس بدأوا يشكون من ساعات العمل الطويلة ومن ظروف العمل وغيرها واستجابة لتلك التغيرات الاجتماعية السلبية فقد قام بعض العلماء بتوجيه اهتمامهم إلى دراسة السلوك الإنساني ودراسة الفروق الفردية.دراسة الفروق الفردية ( القدرات الإنسانية):
فرانسيس جالتون في بريطانيا نشر كتابين عن
القدرات الإنسانية (1874)، فوندت في ألمانيا أسس معمل علم النفس لدراسة السلوك
الإنساني (1879)، بينيه نشر مقالا يتحدث فيه عن القياس العقلي أو قياس القدرات
والذكاء (1896). تلك الدراسات وغيرها التي درست الفروق الفردية وجهت الاهتمام نحو
الفرد ووجوب وضعه في المكان المناسب. مثلا في أمريكا جون ديوي دعا إلى إصلاح في
نظام التعليم بحيث تعطى أهمية للفروق الفردية في الدافعية والميول والقدرات والنمو
على وجه العموم.
إذا الاهتمام وجه نحو الفرد ووجوب دراسته
وتحليله وتوجيهه وإرشاده إلى العمل المناسب له.
البرامج الأولى للتوجيه المهني Career Guidance:
في الولايات المتحدة بدأت بعض المدارس
الحكومية بتقديم برامج للتوجيه وتعيين بعض المرشدين للقيام بتوجيه الطلاب وإرشادهم
تربويا ومهنيا وكانت تلك البرامج تركز على أهمية العمل الجاد وعلى أهمية توفير
المعلومات عن المهن المختلفة للطلاب. كل تلك البرامج والمحاولات كانت جيدة ولكنها
كانت محاولات فردية ولذلك كانت هناك حاجة ماسة لإيجاد نظرية منظمة وعلمية للتوجيه
المهني. وهذا ما قام به بارسونز Parsons
في بداية القرن التاسع عشر.
بارسونز Frank Parsons:
في حوالي عام 1909 تحدث بارسونز عن خطة
منظمة للتوجيه المهني والتي مازالت موجودة حتى الآن بعد إدخال بعض التعديلات
عليها.
كان بارسونز من دعاة الإصلاح الاجتماعي
الذين نادوا بالعدل بين الناس والمساواة في الفرص. اقترح بارسونز عدة إجراءات أو
خطوات لمساعدة الفرد على اختيار مهنة له بناء على ميوله واستعداداته وما يقدم له
من معلومات عن المهن المتوفرة في المجتمع.
في عام 1908 ألقى بارسونز محاضرة كان لها تأثير
كبير على حركة التوجيه المهني وفي عام 1909 تم نشر كتابه الشهير (اختيار مهنة (Choosing a vocation.
اقترح بارسونز 3 خطوات لمساعدة الفرد على
اختيار مهنة له:
أ-أن
يعرف الفرد نفسه (استعداداته، قدراته، ميوله، مصادر قوته، حدوده الخ)
ب-المعرفة بمتطلبات وشروط النجاح لكل مهنة
أو مجموعة من المهن، وميزاتها وعيوبها والفرص والمزايا التي تتيحها.. الخ
ج-اتخاذ قرار واعي يعتمد على الموازنة أو
المطابقة بين الحقائق والمعلومات التي تم جمعها في الخطوتين السابقتين. بمعنى آخر،
هذه الخطوة تتضمن تفكير حقيقي أو إرشاد للربط بين المعلومات الشخصية والمعلومات
المهنية.
أشار عدد من الباحثين والمؤلفين إلى أن
هذه الخطوات الثلاث التي اقترحها بارسونز كان لها اثر كبير على الإجراءات المتبعة
في الإرشاد المهني إضافة إلى أن وجهة نظر بارسونز أدت إلى نشوء اهتمام كبير
بالتوجيه المهني في أمريكا.
علم النفس الصناعي:
تطور أخر له علاقة بتطور حركة التوجيه
المهني هو بداية علم النفس الصناعي على يد العالم الألماني هوجو مونتسربرج الذي
نشر كتابه علم النفس والكفاية الصناعية عام 1912. أسس علم النفس الصناعي كأحد
الفروع المهمة لعلم النفس التطبيقي وقام باقتراح عدة طرق لتحديد الاستعدادات
وخصائص الأفراد المناسبين لمهن معينة. أيضا أكد على أهمية استخدام المقاييس
النفسية لاختيار العمال والموظفين.
حركة القياس Testing Movement(1900-1940)
تصادف نمو وتطور حركة القياس مع تطور حركة
التوجيه والإرشاد المهني وكلاهما يشتركان في نفس الجذور. من أوائل العلماء
المؤثرين كان الألماني فوندت الذي أسس أول
معمل لعلم النفس (1879) وأجرى تجارب عديدة على زمن الرجع، أيضا هناك العالم
الألماني ابينجهاوس الذي تأثر بفوندت وصمم مقاييس عديدة. كلا العالمين اسهم في
حركة تقنين الاختبارات والمقاييس.
الفرد بينيه كان أول من أسس أو بنى اختبار
ذكاء في عام 1905 وفي عام 1916 نشر تيرمان نسخة ستانفورد-بينيه المعدلة في جامعة
ستانفورد. في عام 1928 نشر هل Hull
كتابه (قياس الاستعدادات) والذي خصص لاستخدام بطاريات اختبارات الاستعداد في
التوجيه والإرشاد المهني وركز على قضية الملاءمة بين خصائص الفرد ومتطلبات
الوظيفة.
رباط أخر بين حركتي القياس والتوجيه يتمثل
في ظهور وتطوير مقاييس الميول. في عام 1927 نشر سترونج Strong الطبعة الأولى من مقياسه للميول المهنية
(مقياس سترونج للميول المهنية) حيث قام ببناء هذا المقياس من واقع استجابات أفراد
كثيرين يشغلون مهن معينة واصبح هذا المقياس وسيلة مهمة استخدمها المرشدون النفسيون
في التوجيه المهني.
علاوة على تلك المقاييس فقد استخدمت
مقاييس التحصيل في المدارس كوسيلة من وسائل التوجيه المهني في العشرينات من هذا
القرن. كذلك مقاييس الشخصية لعبت دورا وان كان اقل أو أبطأ من غيرها.
بالرغم من أهمية مساهمة حركة القياس إلا
أن هناك انتقادات وجهت إليها ومنها أنها جعلت بعض المرشدين أو الموجهين يعتمدون
عليها اعتمادا كبيرا جدا ويهملون الوسائل الأخرى إلا أن هذا لا يقلل من أهمية
الدور الذي لعبته حركة القياس وما أنتجته من مقاييس لقياس الفروق الفردية في دعم
حركة التوجيه والإرشاد المهني.
الفترة الثانية، 1940- وحتى الستينات:
شهدت ظهور الإرشاد الموجه لويليامسون -وظهورالإرشاد غير الموجه لكارل روجرز- وظهور نظريات في النمو والاختيار المهني -والتقدم الصناعي والتكنولوجي-وكذلك تطور التربية المهنية والاهتمام بها:
الإرشاد الموجه Directive Counseling (وليامسون 1940م)
من العوامل التي أثرت على حركة التوجيه
المهني ظهور أسلوب الإرشاد الموجه لوليامسون. هذا الأسلوب كان نوعا ما امتداد
لطريقة بارسونز. منهج وليامسون في الإرشاد تلخص في الخطوات التسلسلية الست الآتية:
1-التحليل Analysis: جمع المعلومات عن الفرد أو العميل من كل المصادر
2-التركيب Synthesis: تلخيص البيانات
والمعلومات عن العميل وتنظيمها بحيث تبين مشكلته ومصادر قوته
3-التشخيص Diagnosis: تشخيص المشكلة أو
المشاكل المهنية لدى العميل (ليس لديه خيار، لديه خيار ولكنه غير متأكد، لديه خيار
ولكنه خاطئ-تناقض بين الميول والاستعدادات أو القدرات)
4-التنبؤ Prognosis: بمدى نجاح الفرد في تحقيق الأهداف التي وضعها (إذا كان لديه أهداف)
5- الإرشاد Counseling: أو تقديم الاستشارة
عندما يتبين للمرشد أن الفرد لم يوفق في اختيار مهنة أو تخصص مناسب (أي في وضع
الأهداف)
6-المتابعة أو التتبع Follow-up: لتحديد ما إذا كان الحل
الذي اقترح من خلال عملية الإرشاد حل جيد قابل للتطبيق، إذا تبين أن الحل غير جيد
فان كل الخطوات السابقة يجب أن تعاد من جديد، أي أن تعاد عملية الإرشاد المهني من
بدايتها لتحديد المشكلة المهنية لدى الفرد
أسلوب ويليامسون اصبح كما قلنا يعرف
بالإرشاد الموجه وكان لوليامسون جهود كبيرة في تطور علم النفس المهني في جامعة
مينسوتا. مؤيدي الإرشاد الموجه كانوا يعتقدون ويطبقون منهج بارسونز المسمى بطريقة
أو منحى السمات و العوامل (Trait and factor approach) كما سيتضح لنا ذلك عند شرح ذلك المنهج أو
المنحى.
الإرشاد غير الموجه (المتمركز حول العميل) Nondirective Counseling لكارل روجرز: 1942
بالرغم من أن أعمال كارل روجرز كانت مع
المضطربين انفعاليا إلا إنها أدت إلى إعادة النظر في عملية الإرشاد المهني
والافتراضات المتعلقة بها. وجه بعض الانتقادات للإرشاد الموجه منها:
-أن التوجيه والإرشاد المهني يجب أن لا
يقتصر فقط على الفكرة البسيطة المتمثلة في المزاوجة بين قدرات وسمات الشخص من جهة
وبين متطلبات الوظيفة من جهة أخرى، بل يجب أن يشمل أشياء أخرى مثل الدافعية، الصحة
النفسية، الحالة أو السلوك الانفعالي الخ
-يجب أن تكون الأهداف الرئيسية لعملية
الإرشاد زيادة تقبل العميل لنفسه وفهمه لذاته
-يجب توجيه الاهتمام إلى التفاعل الذي يتم
بين المرشد والعميل. العلاقة الإرشادية يجب أن تنطوي على الاحترام المتبادل
والتركيز على أن يتمكن العميل من فهم نفسه واتخاذ الخطوات التي تمكنه من تخطيط
مستقبله والتحكم فيه بدلا من تركه للصدفة والعوامل الطارئة والاستسلام لها.
إذا الاهتمام تغير أو انتقل إلى العميل
والى أساليب الإرشاد بدلا من التركيز على المقاييس والاختبارات وكذلك قل التركيز
على المرشد وعلى إظهاره على انه سيد الموقف ومصدر السلطة والقرارات. إذا منهج
روجرز يعتبر أول منهج ينتقد ويبتعد عن منهج بارسونز وطريقته البسيطة في التوجيه
والإرشاد المهني.
كثير من مفاهيم وأساليب منهج روجرز في
الإرشاد غير الموجه تم بعد ذلك إدخالها واستخدامها من قبل مؤيدي الإرشاد الموجه
وكانت النتيجة إيجاد منهج موحد وشامل يتضمن التركيز على النمو الإنساني وخبرات
الفرد بشكل أوسع.
-الحرب العالمية الثانية:
احتاجت القوات المسلحة خصوصا في أمريكا
إلى المقاييس النفسية لتصنيف واختيار الجنود والموظفين وغيرهم لذلك فقد أنشأت
أقسام للأفراد والمقاييس. فقد انشأ الجيش الأمريكي برامج للإرشاد وكان الهدف منها
توجيه الأفراد إلى الأماكن المناسبة لهم من اجل رفع إنتاجيتهم واستخدام ما لديهم
من قدرات وطاقات.
أيضا تم انشاء مركز إرشاد لمساعدة الأفراد
أو المحاربين على العودة إلى حياتهم المدنية العادية عن طريق توجيههم إلى كليات أو
وظائف معينة أو على الأقل اقتراح ذلك عليهم.
في عام 1944 قامت إدارة شئون المحاربين
القدامى بإنشاء مراكز للتوجيه المهني وقد تم إنشاء عديد من تلك المراكز في رحاب
الجامعات والكليات وأصبحت تلك المراكز بعد ذلك نموذج يحتذي به من قبل عديد من
الجامعات التي ترغب في إنشاء مراكز للتوجيه المهني. في عام 1946 قرر الكونجرس
الأمريكي تخصيص مبالغ مالية من اجل إنشاء برامج جامعية لتدريب المرشدين والموجهين
المهنيين والتربويين أو الاستمرار في تقديمها.
حركة القياس بعد الحرب العالمية الثانية:
بعد الحرب العالمية الثانية نما وتطور علم
النفس التطبيقي مما اثر على نمو وتطور حركة القياس. فروع مختلفة من علم النفس مثل
علم النفس الصناعي-الإرشادي-المدرسي-التربوي أصبحت تدرس في الجامعات ومن المتطلبات
الأساسية لها دراسة كورسات في أسس القياس النفسي. إذا بدأت تتكون رغبة كبيرة في
استخدام المقاييس مما كان له الأثر الكبير على حركة التوجيه المهني وكان هناك
تأكيد على أهمية الاستخدام
التطبيقي للمقاييس مما أدى إلى ظهور
الحاجة لتصميم وبناء مقاييس يمكن أن تستخدم في عملية الإرشاد النفسي.
أيضا بعد الحرب العالمية الثانية زادت أعداد
الطلبة في الكليات والجامعات مما أدى إلى استخدام اختبارات كثيرة للدخول في
الجامعات. تلك المقاييس التي كان الغرض منها التنبؤ بمدى قدرة الشخص على النجاح في
الجامعة استخدمت أيضا كوسائل لمساعدة الطلاب على اختيار تخصصاتهم وبالتالي مهنهم.
تلك المقاييس عادة تحتوي على أسئلة عن الميول المهنية والتخصصية (التخصص المرغوب
فيه في الجامعة).
أيضا في عام 1958 صدر مرسوم في الولايات
المتحدة يدعو إلى التعرف على الطلاب الموهوبين مبكرا وإعطائهم الإرشاد والتوجيه
المطلوب من أجل مساعدتهم على استثمار ما لديهم من مواهب وقدرات. هذا المرسوم كان
له اثر ملموس على حركة التوجيه المهني وعلى تقريب العلاقة بين القياس والإرشاد
المهني.
بعد الحرب ظهرت أيضا مجموعة من الكتب
القيمة عن القياس العقلي لعلماء مثل جودانف وثورندايك وسوبر مما زاد من قوة حركة
القياس. كذلك ظهرت دور نشر متخصصة في نشر المقاييس والاختبارات. أيضا أدى التقدم
التكنولوجي إلى سرعة تصحيح الاختبارات والمقاييس مما جعل استخدامها سهل في عملية
التوجيه المهني. التقدم التكنولوجي واستخدام الكمبيوتر سوف يزيد من استخدام
المقاييس في الإرشاد المهني ولكن يجب أن نؤكد على أن المقاييس يجب أن لاتكون
الوسيلة الوحيدة التي تبني عليها عملية الإرشاد وإنما يجب أن يكون الإرشاد عملية
شاملة.
نظريات النمو والاختيار المهني Theories of Career Development and Choice:
في بداية الخمسينات ظهرت نظريات في النمو
المهني وفي الاختيار المهني وأسهمت بشكل كبير جدا في حركة التوجيه المهني. ومن تلك
النظريات نظرية سوبر ونظرية جينزبرج ونظرية آن روي. ظهور تلك النظريات أدى إلى
استثارة اهتمام الباحثين بالتوجيه المهني وإجراء بحوث عديدة في هذا المجال. بعد
ذلك ظهرت نظريات أخرى مثل نظرية هولاند ونظرية تايدمان وغيرها من النظريات التي سوف
يتم شرحها مستقبلا. تلك النظريات أصبحت بعد ذلك إطار نظري هام يجب أن يعتمد عليه
الموجه والمرشد المهني كما أصبحت تناقش في الكثير من الندوات والمجلات العلمية.
وقد أسهمت نظريات النمو والاختيار المهني
بشكل كبير في تطوير برامج التوجيه المهني وذلك لأنها ألقت الضوء على قضايا كثيرة
مثل مراحل النمو والمهام المرتبطة بالانتقال من مرحلة إلى أخرى، وأنماط الشخصية
والبيئة المهنية المناسبة لكل نمط، وطرق أو آليات صنع القرار الخ. وسوف نناقش تلك
النظريات في الفصل القادم من هذا الكتاب ونبين أهمية معرفة المرشد بها لكي تنجح
عملية الإرشاد المهني.
حركة التوجيه المهني من الستينات حتى الآن The Career-Guidance Movement:
خلال السنوات الماضية وسعت حركة التوجيه
المهني دورها ومنظورها فاصبح هناك تركيز اكثر على الوجهة الإنسانية والوجودية وما
تتضمنه من ضرورة جعل الحياة أو العمل ذا معنى للفرد ومساعدته على إدراك أهميته
كعضو في المجتمع ومساعدته على استخدام ما لديه من قدرات وطاقات لكي يستطيع بالتالي
تحقيق ذاته وتأكيدها وشق طريقه بنفسه.
علاوة على ذلك صدرت في الولايات المتحدة
مثلا عدة تشريعات كان لها الأثر على تسريع حركة التوجيه المهني وتكلفت الحكومة
بدفع تكاليف إنشاء مراكز كثيرة للتوجيه المهني مثل برنامج Headstart، وغيره وكانت تلك البرامج توجد أحيانا في المدارس الابتدائية والثانوية والكليات
المهنية وكليات المجتمع وغيرها.
-التربية المهنية Career Education:
في بداية السبعينات بدء في ما يسمى بالتربية المهنية نتيجة لانتقادات وجهت لنظام التعليم مثل انه لا يعد الفرد للعمل بطريقة مناسبة. برامج التربية المهنية ركزت على قضايا مثل الوعي بالمهن أو معرفة المهن، استكشاف المهن، مهارات عمل القرار، التوجيه المهني، الاستعداد للمهنة الخ.-احتراف المرشدين المهنيين:
في عام 1972 بدأت عملية وضع معايير لإعداد المرشدين وتأهيلهم لممارسة المهنة وبدأت عملية المطالبة بإعطاء رخصة لمن يرغب في العمل كمرشد نفسي مهني. في عام 1984 صدرت في الولايات المتحدة الشروط الواجب توفرها في الفرد لكي يحصل على رخصة للعمل كمرشد مهني.-التقدم التكنولوجي:
استخدام الكمبيوتر اثر على حركة التوجيه المهني. اصبح بإمكان المرشد أو الموجه استخدام الكمبيوتر للحصول على معلومات كثيرة عن المهن وعن برامج التعليم المتوفرة. وأيضا استخدامه في تصحيح الاختبارات والمقاييس وتحليل نتائجها وكذلك تخزين معلومات كثيرة على الكمبيوتر والرجوع لها بسرعة كبيرة.مقارنة بين الإرشاد المهني والعلاج النفسي:
لاحظ بعض الباحثين نزعة عدد من المرشدين
المهنيين إلى ترك هذا المجال والاتجاه إلى مجال العلاج النفسي. أيضا مراكز الإرشاد
ومؤسسات التعليم العالي دائما تتجاهل حاجة الطلاب إلى التوجيه المهني وتركز على
الإرشاد النفسي والأسرى لهم. وقد يكون السبب وراء هذه الظاهرة هو اعتقاد بعض المرشدين
بان هذا المجال مجال بسيط ليس فيه فرصة للإبداع والابتكار. ولكن هذه النظرة خاطئة
حيث أن هذا المجال يتطلب من المرشد الفهم العميق والجمع بين نظريات الإرشاد
والعلاج النفسي، ويوضح بعض الباحثين أن:
1-الحاجة إلى الإرشاد المهني اكبر من الحاجة
إلى العلاج النفسي.
2-الإرشاد المهني يمكن أن يكون في بعض
الأحيان علاجيا حيث أن الاستقرار الوظيفي مرتبط بالاستقرار النفسي والشخصي للفرد.
3-الإرشاد المهني يجب دائما أن يتبع
العلاج النفسي لكي يكون هذا العلاج فعالا.
4-الإرشاد المهني اكثر فعالية من العلاج
النفسي أو على الأقل فرصة نجاح الإرشاد المهني اكثر من فرصة نجاح العلاج النفسي.
5-الإرشاد المهني أصعب من العلاج النفسي
خصوصا عندما يستخدم المرشد برنامجا متكاملا فانه يدرك على انه مرشد مهني ومعالج
نفسي في نفس الوقت.
إذا المرشد المهني المحترف يحتاج إلى خبرة
في نظريات الإرشاد وأساليب الإرشاد المهني (الإرشاد الموجه أو أسلوب العوامل
والسمات- أسلوب الإرشاد المتمركز حول العميل-الأسلوب السيكوديناميكي-الأسلوب
السلوكي). أيضا المرشد المحترف يحتاج إلى معرفة بالشخصية والتعلم والنمو المهني
وأيضا معرفة بالمهن وخصائصها والفرص التعليمية والوظيفية.
إذا هنالك دعوة للتقارب بين المرشدين المهنيين
والمعالجين النفسيين حيث أن النظرة الإرشادية الحديثة تشير إلى أهمية التركيز على
الفرد وشخصيته بصورة شاملة (التكيف الشخصي-المهني-الاجتماعي).
الحاجة إلى الإرشاد المهني Career Counseling)):
تشير الاستطلاعات في
الولايات المتحدة إلى وجود حاجة ماسة للإرشاد المهني في كل المستويات والمراحل
التعليمية. كل مرحلة من مراحل التعليم تحتاج إلى طرق إرشاد مختلفة حيث أن الأهداف
تختلف من مرحلة إلى أخرى.
المرحلة الابتدائية:
برامج الإرشاد المهني يجب أن تهدف إلى زيادة وعي ومعرفة الطلاب بالأدوار المهنية المختلفة، وبدور العمل في المجتمع، وبالسلوك الاجتماعي والسلوك المسؤول.المرحلة المتوسطة:
برامج الإرشاد المهني يجب أن تهدف إلى مساعدة الطلاب على تكوين مفاهيم عن المهارات الأساسية وتعلم مهارات صنع القرار والتعرف على عالم العمل والانتماء "النفسي" إليه.المرحلة الثانوية:
برامج الإرشاد المهني يجب أن تهدف إلى الاستمرار في تعريف الطلاب بالمهن والتعرف على البدائل المهنية والاستعداد للدخول في عالم العمل أو التخصص العلمي في الجامعة للاستعداد لمهنة معينة.المرحلة الجامعية:
برامج الإرشاد المهني يجب أن تهدف إلى مساعدة الطلاب على ترسيخ اختياراتهم المهنية وعلى تطوير مهارات مهنية معينة ومتخصصة وعلى إعادة تقييم ميولهم واستعداداتهم وعلى التخطيط للدخول في حقل مهني معين.
أيضا الكبار أو الراشدين لديهم حاجة إلى
الإرشاد المهني: فبعض الراشدين يضطرون إلى تغيير مهنهم لأسباب مختلفة مثل البحث عن
عمل ذا معنى ربما لان العمل الحالي لا يتناسب مع أهداف الشخص وحاجاته الشخصية أو
لإحساس الشخص بالعزلة في مكان عمله الحالي أو لانعدام فرصة التقدم الوظيفي. هذه
الحاجة تؤيد ما يراه بعض الباحثين الذين يدعون إلى أن تكون برامج الإرشاد المهني
مستمرة طيلة "دورة حياة" الفرد.
خلاصة:
1-الثورة الصناعية في أوروبا وأمريكا في
أواخر القرن الثامن عشر غيرت وبصورة كبيرة أماكن العمل وظروف المعيشة. وهذا أدى
إلى دعوة إلى الإصلاح للتغلب على مشاكل ظهرت نتيجة لعدم الاهتمام بالعمال والموظفين
والتركيز على الصناعة والإنتاج وما صاحب ذلك من ظروف معيشية صعبة في المدن الكبرى.
2-علماء معدودين اهتموا بدراسة السلوك
الإنساني ودراسة الفروق الفردية. جالتون البريطاني، فوندت الألماني، وبينيه
الفرنسي وغيرهم نشروا دراسات كثيرة عن القدرات الإنسانية والفروق الفردية. في
أمريكا علماء مثل كاتل وديوي اهتموا بالمقاييس العقلية ودعوا إلى الإصلاح في
النظام التعليمي.
3-فرانك بارسونز أسس مكتب للإرشاد المهني
في بوسطن ونشر كتابه الشهير "اختيار مهنة" والذي ذكر فيه الخطوات
الأساسية الثلاث التي اعتقد بضرورة إتباعها في الإرشاد المهني.
4-حركتي الإرشاد المهني والقياس تزامنتا
في التطور واشتركتا في نفس الجذور. مقاييس عديدة نشرت في ذلك الوقت مثل نشر أول
اختبار ذكاء في فرنسا عام 1905 واختبار سترونج للميول المهنية في عام 1927.
5-كتابين
شهيرين صدرا وكان لهما اثر كبير على حركة التوجيه المهني وهما كتاب (كيف ترشد
الطلاب عام 1939) وكتاب روجرز (الإرشاد والعلاج النفسي عام 1942). نظرية روجرز
تعتبر النظرية الرئيسية الأولى التي خالفت منهج أو أسلوب بارسونز المبسط للتوجيه
المهني.
6-في بداية الخمسينات ظهرت نظريات في
النمو المهني والاختيار الوظيفي وأصبحت تناقش في المجلات العلمية والمؤتمرات
والندوات.
7-في السبعينات وسعت حركة التوجيه المهني
من دورها ومجالها وأصبحت تؤكد على الوجهة الإنسانية الوجودية في التوجيه.
8-تطورات أخرى أثرت على حركة التوجيه
المهني ومنها ظهور ما يسمى بالتربية المهنية وكذلك التركيز على الاحتراف والترخيص
لمزاولة المهنة وأخيرا التقدم التكنولوجي.
- لتحميل الدراسة كاملة، يرجى اتباع الرابط التالي: http://exe.io/pOcwWMCt
أضف تعليق